وداعاً أبى

اليوم المائة و ثلاثة و خمسون
وداعاً أبى

فى يوم كان غريب عليا اوى، يوم مش عارفة له معالم، أحسايس متضاربة ما بين ألم و حزن و أسى وتوهان، فى لحظة حسيت هو انا بحلم و لا انا فين، معرفش إزاى حصل كده بس كل اللى سمعته باباكى عنده ورم على الكبد ... ورم ... ورم.. و الدنيا ابتدت تلف بيا و انا من الوجع مش عارفة هو انا فين .. هو انا بحلم.. بابا انا عنده ورم.. إزاى. . و ابتديت أجن و اهيبر، بس للحظة قلت لنفسى انا جامدة و حقدر، و حعدى يمكن مفيش ناس كانت جنبى كتير بس كان فى ربنا اللى لما بحتاج اى حاجة برفعله ايدى و أدعيله من قلبى.

 رضيت بقضاء الله و قمت بسرعة علشان عارفة أن بابا محتاجنى أكون قوية فى اللحظة دى، محتاجة أكون جنبه و حواليه، دخلته مستشفى اورام فى يوم و بسرعة غريبة ربنا كان مسهل كل حاجة ، بس كانت رحمة ربنا أكبر من كل حاجة، السرطان انتشر فى جسمه بسرعة ووصل للامعاء و القولون فى يومين .. بحاول دلوقتى اعرف اكتب بس بجد أصعب حاجة انا بكتبها دلوقتى، أحساس صعب اوى لما وصلت المستشفى و لقيت اختى بتصرخ بابا مات ... عرفت يعنى ايه كلمة عجز، عرفت يعنى ايه كلمة الم و وجع بجد، عرفت يعنى ايه روحك بتروح منك و انت واقف مش عارف تعمل حاجة.. عاجز بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بس الحمد لله على قضاء ربنا و ان لله و إن إليه راجعون. 

 كل الدكاترة قالولى اترحم قبل رحلة عذاب، كنت حتتعذبى اكتر منه، مكنتش مقتنعة، بس تعرفوا و لحد ما انا بكتب دلوقتى، انا كان عندى استعداد اعمل اى حاجة بس بابا يفضل جنبى و لو ساعة كمان، حسيت بحبه اوى حسيت بقيمته اوى حتى لو كان عضم فى قفة، حتى لو كان اى حاجة بس وجوده بس حواليا ده أعظم حاجة فى العالم، احسن حاجة فى الدنيا. بعد وفاته بجد غير الألم اللى حسيت بيه، شفت الدنيا من منظور تاني خالص، شوفت السرطان اللى بجد، السرطان اللى بيموت بجد، سرطان فى قلوب الناس اللى حواليك، حسيت بوحشية الدنيا و الناس، و قد ايه انه الله يرحمه و يغفر له كان شايل عنى قرف الدنيا و على الرغم من أن صحته كانت على قده اوى، إلا أنه كان حما و ستر ليا من الدنيا و الناس الوحشة، يمكن ما فتش على وفاته كتير، بس كل حاجة بانت بدرى، نفوس مريضة و قلوب مسرطنة، و أمراض نفسية و أذى من أقرب الناس ليك.

 الله يرحمك يا بابا، حتفضل فى قلبى و لسانى علطول و مهما طال أو قصر الزمان، انت احن و اطيب قلب عليا. نصيحتى لكل واحد لسة أبوه جنبه، قرب منه و اكسب رضاه و خليك تحت رجليه، و اطلبله طول العمر، علشان انت حتتبهدل اوى من غيره فى الدنيا دى. و ربنا يرحمك يا بابا و يغفر لك و يجعل مثواك الجنة، و يا ريت كل اللى بيقرى يدعيله، علشان هو تعب اوى و كان قلبه طيب اوى و هو أن شاء الله فى الجنة.

 وداعا أبى 

هند مراد