اليوم المائة و الثانى و ستون
شوربة عدس
احلى حاجة فى الشتا، انك تلاقى نفسك ورا الشباك وماسك كوباية النسكافيه و لا الشاى و دماغك تسرح و تحن لحاجات كتير، نوستالجا من اللى بتضرب فى القلب، و بتبقى عندك كم احاسيس غريبة، ما بين انك سرحان ... فرحان.. هيمان... ..سقعان... بس الاحساس الأغلب اللى بيكون طاغى هو انك دفيان بذكريات كتير عندك.
و من اكتر الذكريات الحلوة اللي بتجيلنا فى أيام الشتا ، هى ذكريات العيلة و بيت العيلة، بيت جدتى الدافئ، اللى هو بسيط و صغير و محندق، بس كبير اوى بمشاعره، بالدفىء اللى مش ممكن تحس بيه الا فى بيتها، بيت جدتى بزحمته، و ناسه الكتير إلا أنه قادر يحتوى كل الناس اللى فيه، و بنفس الدرجة، يعنى عمرك ما حتحس انك مهمل، يعنى رغم العدد الكبير الا فى البيت ده، بس انت اخد حقك، و فى أيام الشتا، احسن حاجة كانت بتعملها جدتى، هى شوربة العدس هى مش مجرد شوربة، هى طعم الدفا، اللى معمول بحب، طعم العيلة، احساس الامان و الحب، اللى متوزع بعدل غريب، عدل قادر ينسيك اى حاجة عندك و يشيل همك، رغم بساطة كل حاجة، إلا أن كل حاجة بتحسسك بأمان كبير، عمرك ما تحس بيه حتى لو عايش فى قصر و حواليك ١٠٠ واحد بيحرسوك.
طبق الشوربة بتاع جدتك، اراهنك لو حد عرف يعوضه، و لو بتاكل احلى و اغلى اكل فى العالم، عمره ما حيكون فى طعم معلقة شوربة واحدة من ايد جدتك، اصل مش بالفلوس و الله، إنما بأصالة النفوس.
رغم انه مش قصر و بيت عادى جدا، إنما احسن عندك من ميت قصر، دفىء و حنية جدتك و صبرها و تجميعها لكل الناس اللى حواليها، احساس بجد بتفتقده جدا بعد ما رحلت عن الحياة، و راح معاها لمتنا، راح معاها معنى العيلة، يعنى بفتكر مثلا فى وجود جدتى، عمر ما حد مننا كان بيزعل من التانى، و لو حتى حصل، كان عندها قدرة شديدة على اقناع اى حد أنه ما يزعلش من التانى، و مش بس كده لا أنه كمان مفيش حد يفكر يبعد عن التانى و لو يوم واحد.
نتجمع كلنا حوالين فرن بسيط جدا بإمكانيات على قدها، و تبتدى تعمل معجنات الحب و المحبة الجميلة، و فطائر الرأفة و الالفة، تجميعة تكسر اى شتا و تحس انك فى أغسطس فى عز طوبة، و وقت بيعدى ما بيتحسبش و مش عايزه يروح، و ريحة غريبة، ريحة العيلة و القلوب الصافية و النوايا الطيبة.
العيلة اليوم بقى عيلة مودرن بيكلوا باتيه و ياكلوا جاتوه و ياكلوا فى بعض عادى، بيهربوا من اى فرصة ممكن تجمعهم مع بعض، بيخافوا حد فيهم يبص للتانى، بيداروا على بعض الفرح و بيفقروا فى وش بعض، و كل واحد بيعلى على التانى فى همه و يدارى فرحه علشان انت شريك فى الهم بس، هى دى قواعد العيلة المودرن ، و بيخلقوا ١٠٠٠ عذر ليوم واحد حيتجمعوا فيه، المهم الشتا حلو من ورا الشباك اوى و جدتى الله يرحمها هى و جميع اجدادنا و جداتنا، احلى ذكرى ممكن تيجى فى بالك مع اول شتواية بتتفرج عليها من ورا الشباك و تضحك و تدعيلها و تروح تعمل شوربة عدس يمكن تضبط المرة دى و تطلع زى بتاعت جدتك.
تحياتى
هند مراد